المرأة- القيادة الأفضل، الإنتاجية الأعلى، والسعادة للموظفين

المؤلف: بشرى فيصل السباعي09.28.2025
المرأة- القيادة الأفضل، الإنتاجية الأعلى، والسعادة للموظفين

كشفت دراسة معمقة أجراها فريق بحثي متميز بقيادة البروفيسور أويفيند مارتينسن، رئيس قسم القيادة والسلوك الوظيفي في رحاب كلية الأعمال المرموقة بالنرويج، وشملت عينة واسعة قوامها 3000 مديرًا ومديرة، عن نتائج مُذهلة تُشير إلى أن السيدات يتمتعن بمؤهلات فائقة لتولي المناصب الإدارية الرفيعة مقارنة بنظرائهم من الرجال. وأظهرت الدراسة تفوقًا جليًا للنساء في شتى المجالات القيادية التي خضعت للبحث والتحليل، مؤكدة أنهن يمتلكن قدرات قيادية أرقى وأكثر فاعلية من الرجال، وبذلك حسم العلم بصورة قاطعة النقاشات التقليدية التي لطالما أثيرت حول إمكانات المرأة في المناصب القيادية، والتي كانت تسودها قناعات نمطية بأنهن غير مؤهلات لتلك الأدوار، وهو ما يفسر الفجوة الكبيرة التي لا تزال قائمة في مجال تمثيل المرأة في المناصب القيادية. وهذا الإقصاء الممنهج للعنصر النسائي، الذي أثبتت الدراسات جدارته وتفوقه، يُعد إهدارًا فادحًا للطاقات الكامنة ويؤثر سلبًا على كفاءة وإنتاجية القطاعات التي تستبعد النساء من المناصب القيادية المؤثرة. وفي سياق متصل، أظهرت دراسة أخرى أجريت على أكبر 500 شركة أمريكية أن الشركات التي تضم في مجالس إدارتها نسبة أعلى من النساء تحقق مستويات ربحية وكفاءة تفوق نظيراتها التي تفتقر إلى هذا التنوع. وبحسب دراسة ألمانية متعمقة أجرتها مجموعة «كونيغشتاينر» المتخصصة في الموارد البشرية، والتي تضمنت استطلاعًا للرأي شمل 1023 موظفًا وموظفة، فقد توصلت إلى أن الموظفين يشعرون بسعادة أكبر ورضا وظيفي أعمق عندما تكون مديرتهم امرأة. وأفاد تقرير صادر عن مؤسسة «إس سي آي كيه إي واي» (SCIKEY) للأبحاث، استنادًا إلى عينة شملت 5388 شخصًا، بأن الموظفين الذين يعملون تحت إشراف قيادات نسائية يتفوقون أداءً وإنتاجية على أولئك الذين يعملون تحت قيادة رؤساء من الذكور، وقد تم تصنيف النساء كقائدات أفضل من الرجال بعد مراجعة شاملة لتقييمات أكثر من 60 ألف قائد. وأبرز التقرير أن النساء يتفوقن على الرجال في مهارات التفاوض وإدارة النزاعات، وذلك وفقًا لـ «هارفارد بزنس ريفيو». وخلال أزمة كورونا التي عصفت بالعالم، أظهرت التقييمات تفوقًا ملحوظًا للنساء على الرجال في قيادة وإدارة الأزمة بكفاءة واقتدار. ووفقًا لدراسة أخرى، شهدت الشركات المملوكة للنساء خلال الفترة من 1997 إلى 2014 نموًا ملحوظًا بنسبة تصل إلى 72.3%، وهو معدل يفوق بنحو 30% معدلات نمو الشركات المملوكة للرجال. واستنادًا إلى بحث نشرته مجلة فورتشن، قام الباحثون بتحليل ما يقرب من 700 دراسة شارك فيها أكثر من 265 ألف شخص، وتوصلوا إلى أن النساء يتمتعن بقدرات إبداعية تفوق قدرات الرجال. وأظهرت دراسة أجرتها مؤسسة غالوب وشملت 27 مليون موظف حول العالم أن الموظفين الذين تترأسهم امرأة يندمجون في العمل بصورة أكبر وأكثر فاعلية من أولئك الذين يترأسهم رجل؛ وذلك لأن المديرات يتميزن بقدرة أكبر على التشجيع والتطوير والاستفادة القصوى من إمكانات الموظفين، كما أن الفرق التي تعمل تحت إدارة نسائية تتفوق على تلك التي يترأسها رجل، فالمديرات النساء قادرات على توفير بيئة عمل أفضل وأكثر تحفيزًا للموظفين. وفي سياق متصل، كشفت خمس دراسات أحدثت صدى واسعًا في الأوساط الطبية أن النساء في تخصص الجراحة يحققن نتائج أفضل من الرجال؛ حيث أن نسبة نجاح العمليات التي تجريها الطبيبات الجراحات أعلى، كما أن نسبة حدوث مضاعفات جانبية ووفيات وفترة البقاء في المستشفى أقل، ومثل هذه الدراسات تمثل ردًا قاطعًا على تيار تحقير النساء «الميسوجينية» الذي يتبنى اعتقادات خاطئة بأن النساء يفتقرن إلى المهارات القيادية العليا وأنهن يصلحن فقط في دور التابع. والدراسات التي تثبت تفوق قدرات النساء لا حصر لها وتشمل كافة المجالات، ولكن للأسف لا يتم تداولها على نطاق واسع كما يتم تداول المقولات التقليدية السلبية عن النساء وقدراتهن، وهو ما يدعو إلى التساؤل عن حجم الطاقات والإمكانيات التي خسرتها البشرية نتيجة لتحجير النساء في القالب التقليدي السلبي الذي يفترض افتقارهن للقدرات العليا في كل المجالات، ومثل هذه الدراسات يجب ألا تبقى مجرد أخبار نظرية، بل يجب أن يظهر أثرها في السياسات العملية على أرض الواقع، فتمكين النساء يقتضي توليتهن المناصب العليا، وهناك مصطلح غربي شائع وهو «السقف الزجاجي» يشير إلى حاجز خفي يمنع وصول النساء إلى المناصب العليا، وهو حاجز لا يستند إلى الكفاءة وإنما إلى الانحياز العنصري الذكوري.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة